الاثنين، 6 أكتوبر 2008

صحفي شــاب يصحح للأئمــة الأعــلام خطـأ ألـف عـام
هذا بالظبط ما كنا نقول و نعتقد , فلا يمكن لرجل في الثالثة و الخمسين من عمره أن يتزوج طفلة عمرها 9سنوات فكيف بنبي الأمة و سيد المرسلين.ثم أنه لو كان ذالك صحيحيا لأ صبح الزواج من طفلات صغيرات سنة نبوية يجتهد المسلمون في تطبيقها والآخذ بهاصحفي شــاب يصحح للأئمــة الأعــلام خطـأ ألـف عـامبقلم جمال البنا :الثلاثاء 26 اغسطس 2008م أريد من نشر هذا المقال تقديم مثال لما يمكن أن يصل إليه صحفي شاب لم يدخل الأزهر، أو يضع علي رأسه عمامة أو يدعي أنه من أهل الذكر.. إلخ، إنه صحفي كبقية الصحفيين، ولكن هذا لم يمنعه من أن يعني بقضية حاكت في نفسه، كما حاكت في نفوس آخرين فقبلوها صاغرين، ولكنه وطن نفسه علي أن يدرسها ولم يثنه أنها مثبتة في البخاري وأن أعلام الأمة تقبلوها لأكثر من ألف عام، تلك هي قضية أن الرسول تزوج عائشة في سن السادسة وبني بها (أي دخل بها) في سن التاسعة بناءً علي ما جاء في البخاري (باب تزويج النبي عائشة وقدومها المدينة وبنائه بها ٣٨٩٤): حدثني فروة بن أبي المغراء حدثنا علي بن مسهر عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: «تزوجني النبي صلي الله عليه وسلم وأنا بنت ست سنين، فقدمنا المدينة.. فأسلمتني إليه وأنا يومئذ بنت تسع سنين».وجد الباحث في نفسه حمية للدفاع عن رسول الله (ص) لعلها لم توجد في غيره.أعد نفسه لمقارعة تلك القضية، ولم يقنع بأن يفندها بمنطق الأرقام ومراجعة التواريخ، ولكنه أيضًا نقد سند الروايات التي روي بها أشهر الأحاديث الذي جاء في البخاري ومسلم، وأثبت في الحالتين ذكاءً، وأصاب نجاحًا. من ناحية التواريخ، عاد الصحفي الشاب إلي كتب السيرة (الكامل ــ تاريخ دمشق ــ سير أعلام النبلاء ــ تاريخ الطبري ــ تاريخ بغداد ــ وفيات الأعيات)، فوجد أن البعثة النبوية استمرت ١٣ عامًا في مكة و ١٠ أعوام بالمدينة، وكانت بدء البعثة بالتاريخ الميلادي عام ٦١٠، وكانت الهجرة للمدينة عام ٦٢٣م أي بعد ١٣ عامًا في مكة، وكانت وفاة النبي عام ٦٣٣م والمفروض بهذا الخط المتفق عليه أن الرسول (ص) تزوج (عائشة) قبل الهجرة للمدينة بثلاثة أعوام، أي في عام ٦٢٠م، وهو ما يوافق العام العاشر من بدء الوحي، وكانت تبلغ من العمر ٦ سنوات، ودخل بها في نهاية العام الأول للهجرة أي في نهاية عام ٦٢٣م، وكانت تبلغ ٩ سنوات، وذلك ما يعني حسب التقويم الميلادي، أنها ولدت عام ٦١٤م، أي في السنة الرابعة من بدء الوحي حسب رواية البخاري، وهذا وهم كبير. ونقد الرواية تاريخيا بحساب عمر السيدة (عائشة) بالنسبة لعمر أختها (أسماء بنت أبي بكر ــ ذات النطاقين): تقول كل المصادر التاريخية السابق ذكرها إن (أسماء) كانت تكبر (عائشة) بـ ١٠ سنوات،كما تروي ذات المصادر بلا اختلاف واحد بينها أن (أسماء) ولدت قبل الهجرة للمدينة بـ ٢٧ عامًا ما يعني أن عمرها مع بدء البعثة النبوية عام ٦١٠م كان ١٤ سنة وذلك بإنقاص من عمرها قبل الهجرة ١٣ سنة وهي سنوات الدعوة النبوية في مكة، لأن ( ٢٧ ــ ١٣ = ١٤ سنة )، وكما ذكرت جميع المصادر بلا اختلاف أنها أكبر من (عائشة) بـ ١٠ سنوات، إذن يتأكد بذلك أن سن (عائشة) كان ٤ سنوات مع بدء البعثة النبوية في مكة، أي أنها ولدت قبل بدء الوحي بـ ٤ سنوات كاملات، وذلك عام ٦٠٦م،ومؤدي ذلك بحسبة بسيطة أن الرسول عندما نكحها في مكة في العام العاشر من بدء البعثة النبوية كان عمرها ١٤ سنة، لأن (٤ + ١٠ = ١٤ سنة) لأو بمعني آخر أن (عائشة) ولدت عام (٦٠٦م) وتزوجت النبي سنة (٦٢٠م) وهي في عمر (١٤) سنة، وأنه كما ذكر بني بها ـ دخل بها ـ بعد (٣) سنوات وبضعة أشهر، أي في نهاية السنة الأولي من الهجرة وبداية الثانية عام (٦٢٤م) فيصبح عمرها آنذاك (١٤ + ٣ + ١ = ١٨ سنة كاملة) وهي السن الحقيقية التي تزوج فيها النبي الكريم (عائشة).حساب عمر (عائشة) بالنسبة لوفاة أختها (أسماء ـ ذات النطاقين): تؤكد المصادر التاريخية السابقة بلا خلاف بينها أن (أسماء) توفيت بعد حادثة شهيرة مؤرخة ومثبتة، وهي مقتل ابنها (عبدالله بن الزبير) علي يد (الحجاج) الطاغية الشهير، وذلك عام (٧٣ هـ)، وكانت تبلغ من العمر (١٠٠) سنة كاملة فلو قمنا بعملية طرح لعمر (أسماء) من عام وفاتها (٧٣هـ) وهي تبلغ (١٠٠) سنة كاملة فيكون (١٠٠ ــ ٧٣ = ٢٧ سنة) وهو عمرها وقت الهجرة النبوية، وذلك ما يتطابق كليا مع عمرها المذكور في المصادر التاريخية فإذا طرحنا من عمرها (١٠) سنوات،وهي السنوات التي تكبر فيها أختها (عائشة) يصبح عمر (عائشة) (٢٧ ــ ١٠ ــ ١٧ سنة) وهو عمر (عائشة) حين الهجرة ولو بني بها ـ دخل بها ـ النبي في العام الأول يكون عمرها آنذاك (١٧ + ١ = ١٨ سنة)، وهو ما يؤكد الحساب الصحيح لعمر السيدة (عائشة) عند الزواج من النبي. وما يعضد ذلك أيضًا أن (الطبري) يجزم بيقين في كتابه (تاريخ الأمم) أن كل أولاد (أبي بكر) قد ولدوا في الجاهلية، وذلك ما يتفق مع الخط الزمني الصحيح ويكشف ضعف رواية البخاري، لأن (عائشة) بالفعل قد ولدت في العام الرابع قبل بدء البعثة النبوية.حساب عمر (عائشة) مقارنة (بفاطمة الزهراء) بنت النبي: يذكر (ابن حجر) في (الإصابة) أن (فاطمة) ولدت عام بناء الكعبة والنبي ابن (٣٥) سنة، وأنها أسن ــ أكبر ــ من عائشة بـ (٥) سنوات، وعلي هذه الرواية التي أوردها (ابن حجر) مع أنها رواية ليست قوية، ولكن علي فرض قوتها نجد أن (ابن حجر) وهو شارح (البخاري) يكذب رواية (البخاري) ضمنيا، لأنه إن كانت (فاطمة) ولدت والنبي في عمر (٣٥) سنة فهذا يعني أن (عائشة) ولدت والنبي يبلغ (٤٠) سنة وهو بدء نزول الوحي عليه، ما يعني أن عمر (عائشة) عند الهجرة كان يساوي عدد سنوات الدعوة الإسلامية في مكة وهي (١٣) سنة وليس (٩) سنوات وقد أوردت هذه الرواية فقط لبيان الاضطراب الشديد في رواية البخاري .نقد الرواية من كتب الحديث والسيرة: ذكر (ابن كثير) في (البداية والنهاية) عن الذين سبقوا بإسلامهم «ومن النساء.. أسماء بنت أبي بكر وعائشة وهي صغيرة فكان إسلام هؤلاء في ثلاث سنين ورسول الله (صلي الله عليه وسلم) يدعو في خفية، ثم أمر الله عز وجل رسوله بإظهار الدعوة»، وبالطبع هذه الرواية تدل علي أن (عائشة) قد أسلمت قبل أن يعلن الرسول الدعوة في عام (٤) من بدء البعثة النبوية بما يوازي عام (٦١٤م)، ومعني ذلك أنها آمنت علي الأقل في عام (٣) أي عام (٦١٣م) فلو أن (عائشة) علي حسب رواية (البخاري) ولدت في عام (٤) من بدء الوحي معني ذلك أنها لم تكن علي ظهر الأرض عند جهر النبي بالدعوة في عام (٤) من بدء الدعوة أو أنها كانت رضيعة، وهذا ما يناقض كل الأدلة الواردة، ولكن الحساب السليم لعمرها يؤكد أنها ولدت في عام (٤) قبل بدء الوحي أي عام (٦٠٦م) ما يستتبع أن عمرها عند الجهر بالدعوة عام (٦١٤م) يساوي (٨) سنوات، وهو ما يتفق مع الخط الزمني الصحيح للأحداث وينقض رواية البخاري.أخرج البخاري نفسه (باب ـ جوار أبي بكر في عهد النبي) أن (عائشة) قالت: لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين، ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله طرفي النهار بكرة وعشية، فلما ابتلي المسلمون خرج أبوبكر مهاجرًا قبل الحبشة)، ولا أدري كيف أخرج البخاري هذا فـ (عائشة) تقول إنها لم تعقل أبويها إلا وهما يدينان الدين وذلك قبل هجرة الحبشة كما ذكرت، وتقول إن النبي كان يأتي بيتهم كل يوم وهو ما يبين أنها كانت عاقلة لهذه الزيارات،والمؤكد أن هجرة الحبشة إجماعًا بين كتب التاريخ كانت في عام (٥) من بدء البعثة النبوية ما يوازي عام (٦١٥م)، فلو صدقنا رواية البخاري أن عائشة ولدت عام (٤) من بدء الدعوة عام (٦١٤م) فهذا يعني أنها كانت رضيعة عند هجرة الحبشة، فكيف يتفق ذلك مع جملة (لم أعقل أبوي) وكلمة أعقل لا تحتاج توضيحًا، ولكن بالحساب الزمني الصحيح تكون (عائشة) في هذا الوقت تبلغ (٤ قبل بدء الدعوة + ٥ قبل هجرة الحبشة = ٩ سنوات) وهو العمر الحقيقي لها آنذاك. ولم يقنع المؤلف بهذه الحساب المقارن، بل إنه أجري أيضًا حساب عمر (عائشة) مقارنة بفاطمة الزهراء، مما لا يتسع له مجال المقال، ثم ختم الباحث بحثه بنقد السند فلاحظ أن الحديث الذي ذكر فيه سن (عائشة) جاء من خمسة طرق كلها تعود إلي هشام بن عروة، وأن هشام قال فيه ابن حجر في (هدي الساري) و(التهذيب): «قال عبدالرحمن بن يوسف بن خراش وكان مالك لا يرضاه، بلغني أن مالكاً نقم عليه حديثه لأهل العراق، قدم ـ جاء ـ الكوفة ثلاث مرات ـ مرة ـ كان يقول: حدثني أبي، قال سمعت عائشة وقدم ـ جاء ـ الثانية فكان يقول: أخبرني أبي عن عائشة، وقدم الثالثة فكان يقول: أبي عن عائشة».والمعني ببساطة أن (هشام بن عروة) كان صدوقاً في المدينة المنورة، ثم لما ذهب للعراق بدأ حفظه للحديث يسوء وبدأ (يدلس) أي ينسب الحديث لغير راويه، ثم بدأ يقول (عن) أبي، بدلاً من (سمعت أو حدثني)، وفي علم الحديث كلمة (سمعت) أو (حدثني) أقوي من قول الراوي (عن فلان)، والحديث في البخاري هكذا يقول فيه هشام عن (أبي وليس (سمعت أو حدثني)، وهو ما يؤيد الشك في سند الحديث، ثم النقطة الأهم وهي أن الإمام (مالك) قال: إن حديث (هشام) بالعراق لا يقبل،فإذا طبقنا هذا علي الحديث الذي أخرجه البخاري لوجدنا أنه محقق، فالحديث لم يروه راو واحد من المدينة، بل كلهم عراقيون مما يقطع أن (هشام بن عروة) قد رواه بالعراق بعد أن ساء حفظه، ولا يعقل أن يمكث (هشام) بالمدينة عمرًا طويلاً ولا يذكر حديثاً مثل هذا ولو مرة واحدة، لهذا فإننا لا نجد أي ذكر لعمر السيدة (عائشة) عند زواجها بالنبي في كتاب (الموطأ) للإمام مالك وهو الذي رأي وسمع (هشام بن عروة) مباشرة بالمدينة، فكفي بهاتين العلتين للشك في سند الرواية السابقة انتهي.أختم المقال بما قدمته به، أن هذا مثال لما يمكن أن يصل إليه باحث لم يتخرج في الأزهر ـ ربما بفضل عدم تخرجه في الأزهر ـ من تفنيد لقضية تقبلتها الأمة بالإجماع (كما يقولون)، وفاتت علي الأئمة الأعلام، ولماذا لم يلحظ رئيس قسم الحديث بالأزهر هذا بدلاً من أن يتحفنا بفتوي إرضاع الكبير؟* من هذا الباحث الذي قام بهذا التحقيق؟ـ إنه الأستاذ «إسلام بحيري»، وجاء بحثه في العدد زيرو (أي قبل الأول) ص ٢١ من جريدة «اليوم السابع» الذي صدر في ١٥/٧/٢٠٠٨.
مقال انتشر والرد عليه هو: الرد على من طعن في سن زواج عائشة د. محمد عمارة عوَّدنا الكاتبُ (جمال البنا) على كل غريب ومبتدع، وكان آخر هذه المبتدعات ما أعلنه في جريدة "المصري اليوم" بتاريخ 13/8/2008 من ظهور صحفي شاب يصحح للأمة خطأً منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام، وجعل البنا يمدح ويبجل ذلك الصحفي الذي استطاع أن يكشف خطأ عَمِي على الأعلام طوال هذه القرون، فيا حظ أمه بهذا الجهبذ الذي دقق وفتش وقارع، ونقد سند الرواية التي تتحدث عن سن السيدة عائشة وقت زواجها من النبي، والتي غفلت عنها الأمة طوال 1000 عام، والفضل الأول كما يرى البنا يرجع إلى أنه لم يدرس في الأزهر وإلا لما كان يستطيع هذا العمل العظيم، وسوف يذهب هذا الرد وساوس الشيطان من رأسيهما إن شاء الله تعالى، إن أرادا الحق، وإن أبوا إلا المكابرة والعناد فكما قال ربنا: {قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ} [آل عمران: 119].يظهر في هذا البحث الكذب والاختلاق والجهل؛ وذلك من عدة أوجه:أولاً: كلمة أريد بها باطل، يقول البنا: "وجد الباحث في نفسه حمية للدفاع عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسَلَّم- لعلها لم توجد في غيره"، وهذا محض كذب وافتراء، وفعله ليس دفاعًا عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسَلَّم- ولا حمية له، بل هذه محاولة من محاولات القضاء على سنة رسول الله -صلَّى الله عليه وسَلَّم- من خلال التشكيك في الأحاديث الواردة، وبث الريبة في نفوس العامة نحو الأئمة الأعلام، وإن كان البنا صادقًا فأين هؤلاء من ذبهم عن الدين، ورد افتراءات المستشرقين والعلمانيين، أين جهدهم في صد عدوان الكفر، أين هم من الدعوة لدين الله، لا شيء من هذا مطلقًا؛ إلا مقالات سيئة، وفتاوى ماجنة كتلك التي تجيز تقبيل الشباب للفتيات، وشرب الدخان في نهار رمضان وغير ذلك من الفتاوى القبيحة المنكرة.ثانيًا: كذب وتدليس على الخلق؛ إذ قال: "وكما ذكرت جميع المصادر بلا اختلاف أنها -يعني أسماء- أكبر من عائشة بـ10 سنوات"، وهذا غير صحيح فليس هذا بالاتفاق وإنما هي رواية ذكرت، وسوف أبين الصحيح لجلاء الغيوم عن مرضى القلوب.ذكر الباحث نقلا من كتب (الكامل، وسير أعلام النبلاء، وتاريخ الطبري، ووفيات الأعيان، والبداية والنهاية، وتاريخ بغاد، وتاريخ دمشق) ما يؤكد أن عائشة قد ولدت قبل البعثة، بانيًا وهمه هذا على ما روي من فارق السن بينها وبين أختها أسماء وهو عشر سنوات، وهذا يضعف - في زعم الصحفي - حديث البخاري الذي يثبت فيه أن النبي -صلَّى الله عليه وسَلَّم- تزوج عائشة وهي بنت ست ودخل عليها وهي بنت تسع سنين.وقد رجعت إلى تلك المصادر التي اعتمد عليها الصحفي وعلى غيرها من أمهات الكتب فلم أجد ما زعمه إلا روايات لا تشهد له بشيء؛ ففي كتاب معرفة الصحابة لأبي نعيم (6/ 3208)، والبداية والنهاية (3/ 131)، وسير أعلام النبلاء (3/ 427)، وأسد الغابة (7/ 7، 186، 216)، وتاريخ الإسلام (3/ 604، 698)، والسمط الثمين في مناقب أمهات المؤمنين لمحب الدين الطبري (صـ 36)، أضف إلى ذلك ما ذكره ابن هشام في السيرة وهو أسبق من هؤلاء جميعًا في عدم تمييز عائشة البكاء من الفرح قبل الهجرة لصغر سنها.جاء في سير أعلام النبلاء أيضًا (3/ 522) وكذا تاريخ الإسلام: "وكانت -أي أسماء- أسن من عائشة ببضع عشرة سنة". وإن كنا لا ننفي الرواية الواردة بأن الفارق بينهما عشر سنين فقط، إلا أنها لا تصح.فإذا كانت كتب التاريخ تؤكد أن وفاة أسماء كان سنة 73 هـ وتوفيت عن عمر 100 سنة، وأن أسماء هاجرت وعمرها 27 سنة وهذا يعني أنها حينما أسلمت كان عمرها 14 سنة بطرح مدة الدعوة المكية 13 من مجموع السن 27-13 = 14، والثابت أنها كانت أكبر من عائشة ببضع عشرة سنة على الراجح كما ذكر ذلك الذهبي وغيره، والبضع من 3 إلى 9، فلو اعتبرنا ما بين أسماء وعائشة، لوجدنا أن البضع عشرة سنة هو ما بين 13 إلى 19 سنة، وعليه فتكون عائشة قد ولدت في السنة الخامسة من البعثة، أي في الإسلام وليس قبل الإسلام، وهذا ما يتفق مع الكتب السابقة.ثالثًا: الكذب والتدليس مرة أخرى فينقل الصحفي كلامًا من كتاب البداية والنهاية ليس له وجود أصلا فيزعم أن ابن كثير قال عن الذين سبقوا بإسلامهم: "ومن النساء أسماء بنت أبي بكر وعائشة وهي صغيرة فكان إسلام هؤلاء في ثلاث سنين ورسول الله يدعو في خفية ثم أمر الله رسوله بإظهار الدعوة"، ثم يقول: وبالطبع هذه الرواية تدل على أن عائشة قد أسلمت قبل أن يعلن الرسول الدعوة في عام 4هـ وأخذ يستطرد ويدور حول هذه القصة الملفقة ليثبت المراد من هذا الكذب ظنًّا أن هذا الأمر لن يبحث عنه أحد، قلت: وقد رجعت إلى الموطن المشار إليه فلم أجد ما ذكره الصحفي الهمام الذي لم يجد بدًّا من الكذب على الأعلام لإظهار الخطأ الموهوم، ولم يذكر ابن كثير خبرًا فيه ذكر أسماء في السابقين إلى الإسلام فضلا عن عائشة.رابعًا: الحديث الثاني الذي يستند عليه، والعجيب أنه من رواية البخاري الذي يزعم كذبه ويستدل به، والأعجب أنه لم يفهم فحواه، ولعل عذره أنه لم يتخرج في الأزهر كما يقول تلميذه البنا!، والحديث عن عائشة: "لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين، ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله طرفي النهار بكرة وعشية، فلما ابتلي المسلمون خرج أبو بكر مهاجرًا قبل هجرة الحبشة..." وهذا كذب وتدليس من الصحفي ومتابعة على جهله من تلميذه البنا للوصول إلى مأرب وغرض خبيثين، ونص الحديث: "خرج أبو بكر مهاجرًا قِبَلَ الحبشة"، وهناك فارق كبير بين المعنيين، فالحديث يبين أن أبا بكر لما أوذي واشتد إيذاء قريش له خرج نحو الحبشة مهاجرًا وكان خروجه هذا قريبًا من هجرة المدينة يعني في أواخر الدعوة المكية، فلقيه ابن الدغنة فأجاره، والهجرة لم تنقطع إلى الحبشة إلا بهجرة المدينة، ويؤكد هذا المعنى ما جاء في الحديث نفسه: على لسان أبي بكر لابن الدغنة: إني أرد إليك جوارك وأرضى بجوار الله ورسوله، فقال رسول الله -صلَّى الله عليه وسَلَّم-: ((قد أريت دار هجرتكم؛ رأيت سبخة ذات نخل بين لابتين...)) يعني الأمر لم يتعدَّ الأيام التي خرج فيها أبو بكر يريد الحبشة، فرجع في جوار ابن الدغنة، فلم يمتنع عن استعلانه بالقرآن فشكت قريش إلى ابن الدغنة، فخلع أبو بكر جواره فبشره النبي -صلَّى الله عليه وسَلَّم- برؤية أرض الهجرة.وقد حرف النص كما ترى ليصل إلى مراده، ومعلوم أن بدء الهجرة إلى الحبشة كان في بداية الإسلام ليثبت أن عائشة كانت قد ولدت قبل البعثة، لاحظ أيضًا أن هذا الحديث يؤكد صغر سن عائشة لقولها: "لم أعقل أبوي قط..." وهذا يؤكد أنها ولدت في الإسلام كما أثبتناه.خامسًا: تناقض في قياس عمر عائشة على عمر فاطمة بأن فارق السن بينهما خمس سنوات وأن فاطمة ولدت قبل البعثة بخمس سنوات مما يستلزم أن تكون عائشة ولدت عام البعثة الأول، وهذا فيه تناقض صريح؛ إذ كيف يثبت مولدها قبل البعثة بـ 4 سنوات بالموازنة بينها وبين أسماء، ثم يثبت مولدها عام البعثة الأول مقارنة بسن فاطمة، والحقيقة غير ذلك، يقول الذهبي في السير: "وعائشة ممن ولد في الإسلام، وهي أصغر من فاطمة بثمان سنين" (سير أعلام النبلاء 3/ 429). وتأمل هذا، وفي ترجمة فاطمة قال الذهبي: "مولدها قبل البعثة بقليل" (السير 3/ 417)، فإذا ما نظرنا إلى سن زواج النبي -صلَّى الله عليه وسَلَّم- من عائشة وكان قبل الهجرة ببضعة عشر شهرًا، وقيل بعامين، أضف على هذا السن عمر عائشة حينها وكان ست سنوات، فيكون المجموع 2 + 6 = 8 اطرح هذا من مدة الدعوة المكية 13 - 8 = 5، فإن هذا يعني أنها ولدت في السنة الخامسة من الهجرة. ويؤكد هذا المعنى ما ذكره ابن الأثير في أسد الغابة (7/ 216) إذ ذكر أن النبي -صلَّى الله عليه وسَلَّم- زوج عليًّا من فاطمة بعد أن تزوج النبي -صلَّى الله عليه وسَلَّم- عائشة بأربعة أشهر ونصف، وكان سنها يوم تزويجها خمس عشرة سنة وخمسة أشهر، وهذا يعني أنه بنى بها في السنة الثانية من الهجرة، فإذا ما اعتبرنا السن المذكور لفاطمة تبين لنا أنها ولدت قبل البعث بقليل كما ذكر الذهبي وغيره.فانظر كيف تناقض المسكين الذي يفخر به تلميذه البنا بأنه لم يدرس في الأزهر، والفخر للأزهر حقيقة أنه لم يحتضن هؤلاء المشاغبين، ولم يجلسوا في أروقته، ولم يعرفوا أدب العلم وحق العلماء.سادسًا: عدم الأمانة العلمية في نقل النصوص؛ إذ نقل الكاتب عن كتاب الإصابة أن فاطمة ولدت عام بناء الكعبة وعمر النبي -صلَّى الله عليه وسَلَّم- 35 سنة، وأنها أسن من عائشة بخمس سنوات، ولم يبين أن هذه رواية من روايات عدة ذكرها ابنُ حجر؛ منها أيضًا أن فاطمة ولدت سنة إحدى وأربعين من ميلاد النبي، وقد رجح ابن حجر أن مولدها كان قبل البعثة بقليل وهو ما يتفق مع ما ذكرناه قبل ذلك.سابعًا: الجهل بالنصوص وعدم الفهم؛ ومن ذلك قوله عن الطبري: "بأنه جزم بيقين أن كل أولاد أبي بكر قد ولدوا في الجاهلية"، وهذا كذب وخلط وعدم فهم؛ لأن نص الطبري المذكور يتحدث فيه عن أزواج أبي بكر الصديق وليس عن أولاده (راجع تاريخ الطبري 2/ 351)، وقد قسم الطبري أزواجه اللاتي تزوجهن؛ فمنهن من تزوجهن في الجاهلية وولدن له، ومنهن من تزوجهن في الإسلام، ثم سمى أولاد أبي بكر من زوجتيه اللتين تزوجهما قبل الإسلام وقال: "فكل هؤلاء الأربعة من أولاده ولدوا من زوجتيه اللتين سميناهما في الجاهلية"، فالحديث عن الأزواج وليس عن الأولاد، ويمكن أيضًا مراجعة تاريخ الطبري ج 2 صـ 212 في ذكر زواج النبي بعد خديجة، وهو يجزم بأن النبي بنى بها بعد الهجرة وكان عمرها تسع سنين.وأخيرًا: الأولى أن يترك هذا لأهل الاجتهاد والعلم وليس لأهل الجهل، فقد أوقعوا بأنفسهم نتيجة عدم البحث والدراسة، والإصرار على التعالم، فعليهم أن يعملوا فيما تخصصوا فيه لا فيما يدعونه؛ فإن ذلك يوقع بهم فيما نرى، وأرجو أن تكون آخر بلايا جمال البنا. إذا لم يكن عون من الله للفتى فأول ما يجني عليه اجتهاده والله تعالى أعلم. د. محمد عمارة أستاذ الفقه بكلية الدراسات الإسلامية "جامعة الأزهر"

ليست هناك تعليقات: