دور الإعلام في تغريب المرأة
إن من أبرز القوى التي تقف في مواجهة الأمة بمكوناتها الحضارية في هذه الأزمنة المتأخرة الإعلام بجميع فئاته وما ينطوى تحته من وسائل مرئية لأو مقروءة أو مسموعة والتي تمثل موقعاً هاماً ولها تأثير قوى ومباشر على تشكيل الفكر الإنساني وأنماط السلوك لدى المجتمعات ولما لهذه الوسائل من انتشار واسع فإنها تشكل سلاحاً ذو حدين في خيرها وشرها فهي تحمل في ثناياها من إباحة للشهوات وتغريب للمرأة مما يدل على غربة الإعلام العربي عن الأمة والذي أصبح يهدف غالباً إلى تخدير العقول وهتك تكريم الإسلام للمرأة التي هي نواة المجتمعات والركيزة الأساسية فيها .
فقد حثت توصيات مؤتمر بكين سبتمبر 1995م على زيادة مشاركة المرأة وتحسين فرصتها للتعبير عن آرائها وصنع القرارات في وسائل الإعلام .
يقول الدكتور عبد القادر طاش رحمه الله : إن العالم أصبح أشبة بالغابة وليس بالقرية الكونية وذلك لما فية من الإعتداءات والتوحش والعنف أو غلبة الشهوات التي تبث لتخدير الشباب(1) .
وإذا نظرنا إلى تاريخ الإعلام و علاقته بالمرأة وجدناه أقوى رافداً لحركة تحرير المرأة منذ بذورها الأولى فقد كانت الصحافة منبراً هاماً في صياغة المجتمعات والتي يقدر الباحثين أن ما يباع شهرياً من تلك المطبوعات مايقارب ستة ملايين شهرياً فهو عدد كفيل في نشر القيم المراد توصيلها لفئات المجتمع المختلفة .
أما باكورة الصحافة النسائية فكانت مجلة الفتاة التي أصدرتها هند نوفل عام 1892م والتي تنتمي لأسرة لبنانية وتخرجت من مدارس الراهبات بالأسكندرية وقد تولى والدها اليوناني الأرثوذكسي إدارة تلك المجلة التي تناولت قضايا المرأة .
وفي يونيو 1896م ظهرت ثاني مجلة نسائية وهي الفردوس للويزا حابلين التي نزحت من قرية ذوق ميخائيل بالشام .
ـــــــــــــــ
(1) مجلة الدعوة (1996) 2 / ربيع الأول / 1426هـ - 9 يونيو 2005م
وفي نوفمبر 1896م ظهرت مجلة الحسناء نصف الشهرية التي كان يصدرها سليم سركيس تحت إسم مستعار هو مريم مظهر .
وفي عام 1898م انشأت الكسندر افيرنيون وهي تنحدر من اسرة يونانية ارثوذكسية كانت تتمتع بالحماية الروسية قبل نزوحها من بيروت ودرست في إحدى مدارس الراهبات بالإسكندرية وانشأت مجلة (أنيس الجليس) الشهرية علماً بأن الكسندر هي من مثلت نساء مصر في مؤتمر اتحاد المرأة العالمي للسلام المقام بباريس علم 1900م وكان لها صالوناً بمنزلها يلتقي فية المفكرون والكتاب والشعراء من النساء والرجال .
وفي عام 1899م انشأت استر أزهري دويال وهي يهودية من بيروت ومتزوجة من شمعون دويال الماسوني مجلة العائلة نصف الشهرية .
وفي مطلع القرن العشرين بعد ظهور كتابات قاسم أمين بدأ ظهور الصحافة النسائية الإسلامية ومعنى ذلك أن يملكها ويصدرها من المسلمين بصرف النظر عن الوعي الإسلامي الصحيح في القضايا التي تناولتها ، فظهرت مجلة ( الهوانم ) الأسبوعية عام 1900م ويرأس تحريرها احمد حلمي ، وفي العام نفسه ظهرت مجلة ( المرأة في الإسلام ) نصف الشهرية ويرأس تحريرها إبراهيم رمزي كما ظهرت في نفس العام مجلة ( السفور) لعبد الحميد حمدي .
وفي العام التالي ظهرت مجلة ( المرأة ) نصف الشهرية ورأست تحريرها أنيسة عطا الله كما ظهرت مجلة (شجرة الدر) الشهرية ورأست تحريرها سعدية سعد الدين زاده وهي أول مصرية مسلمة تصدر مجلة نسائية وفي عام 1902م ظهرت ( الزهرة ) لمريم سعد ثم في عام 1903م ظهرت ( الموضة ) لسليم خليل فرح ولكن معظم تلك المجلات كانت قصيرة الأجل لم تترك أثراً بعد ذلك عاود النصارى من أهل الشام إصداراتهم فظهرت مجلة السعادة برئاسة تحرير ريجينا عواد 1902م وفي عام 1903م أصدرت روزا أنطون التي تنتمي لأسرة يونانية ارثوذكسية نزحت من بيروت مجلة ( السيدات والبنات ) وفي عام 1906م أصدرت لبيبة هاشم وهي بيروتية مارونية درست في مدارس الإرساليات الإنجليزية و الأمريكية و كانت متزوجة من عبده هاشم الماسوني أصدرت مجلة ( فتاة الشرق ) الشهرية فاستمرت ثلاث عقود دون توقف .
كما برزت مجلات نسائية لمصريات قبطيات ومسلمات لهن رؤية مشوشة عن المرأة والإسلام ولعل من أبرزها مجلة روزاليوسف والتي اشتهرت روز بالتمثيل قبل الصحافة .
كما برزت في مطلع القرن العشرين كتابات سلامة موسى الذي كان ينادي بتحرير المرأة فترأس مجلة الهلال وكان طرحة متميزاً . فهو أول من ربط تحرر المرأة بالتحرر الإقتصادي ومن هنا تكون مجلة الهلال التي يملكها اميل وجورجي زيدان قد ساهمت في طرح جديد لقضية المرأة .
استمرت تلك المسيرة خمسة عشر عام استطاع فيها العلمانيين والملحدين والمسيحيين بذر أفكارهم في المجتمع المسلم وخصوصاً بين المصريين وكان من أبرز كتّاب تلك المرحلة الذين نادوا بتحرير المرأة من خلال منابرهم الصحفية مرقص فهمي وهو قبطي صاحب كتاب المرأة والشرق عام 1894م .
وإحسان عبد القدوس ومصطفى أمين ونجيب محفوظ وطه حسين ومن النصارى شبلي شميل وفرح أنطون.
وبعد ذلك صدرت مجلة الريحانة عام 1907م أول مجلة ترى أن الإسلام طريقاً سليماً لتحسين أوضاع المرأة ولكنها كانت متأخرة بعض الشيء.
و بذلك تكون مسيرة الصحافة في تلك الحقبة الزمنية ركناً هاما في قضية تحرير المرأة ولا تزال إلى حاضرنا .
ومن الوسائل الأخرى التي استُخدمت في ذلك الوقت هي القصة والمسرحية فكانت البداية لا تعدو الترجمة ثم تحولت إلى التأليف فكان جورجي زيدان يكتب قصصاً وروايات اسلامية وهوالنصراني الديانة يصور فيها المسلمين غارقون بالطرب واللهو ، كما أن كثير من القصص كانت تدعو إلى الإختلاط والخروج على الدين والتقاليد ولا تزال أرفف المكتبات تعج بروايات تعمل على تغيير القيم الإسلامية .
ولعل ذلك المدّ الإعلامي المؤثر وصل إلى الشاشة فحمل البث الفضائي راية تحرير المرأة من دينها وتقاليدها بل حتى من هويتها فدعاها إلى التمرد والإختلاط والتبرج باسم المدنية ولا أدل على ذلك من المسلسلات والأفلام التي ترسم للفتاة حياتها وكيف تختار صديقها وخطيبها بل أن المرأة نفسها أصبحت كقطعة صلصال يشكلها الإعلام كيفما شاء . ويظهر ذلك جلياً في أمور عدة:
أولاً : الإعلانات التجارية :
أصبحت المرأة في الإعلان تباع قبل أن يباع المنتج فالإعلانات التي تراعي ديننا وتقاليدنا قليلة جداً وقد أثبتت ذلك دراسة أُجريت للإعلانات التجارية المذاعة في الفضائيات العربية خلال شهر واحد فقط فقد وجد أن 0.5% فقط كانت ملتزمة و 90% كان مقلداً للإعلام الغربي بل أن جلّها يركز على التبرج وإهانة المرأة من باب دعوتة للسلعة (1).
- أما الباحث عصام فرج بكلية الإعلام بجامعة القاهرة فتوصل في دراستة والتي كانت حول صور المرأة في الإعلانات التليفزيونية أن صورة المرأة كانت بنسبة 84% كما أن نسبة الاعجاب بالإعلان يتراوح مابين 70% - 80% بينما القيم الإجتماعية السليمة 60% والإقتصادية 89%(2) .
ويقول الشيخ الدكتور سلمان العودة : قيمة الإعلان في الخليج العربي فقط مليار ددولار سنوياً وهناك شركات في دبي وغيرها من دول الخليج متخصصة بشكل هائل جداً ومن الملاحظ استخدام المرأة الجميلة في الإعلان ويصاحبها إيماءات ومعاني رديئة ينبغي محاربتها والقضاء عليها(3).
- صور الإعلام وعبر الإعلانات التجارية غالباً دور المرأة وللأسف الشديد بربة بيت مستهلكة فقط وغير منتجة ، فعندما تطالعنا الصحف والمحلات بأنواعها والقنوات الفضائية على اختلافها نجد أن موضات الأزياء والمكياج وأدوات الرشاقة والزينة المعقدة طبياً والباهظة الثمن تحتل موقعاً رئيسياً في تلك الوسائل الإعلامية دون الارتقاء بجوهرها وفكرها فقد
ــــــــــ
(1) مجلة المستقبل الإسلامي عدد (162) شوال 1425هـ - ديسمبر 2004م
(2)
(3) مجلة الدعوة عدد (1969) ربيع الأول 1426هـ - يونيو 2005م
نظروا للمرأة من زاوية واحدة فقط وكأنما هي مخلوق يلهث وراء الترفية وأن جميع النساء من طبقة واحدة فتجاهلوا بذلك الفقيرة أو حتى الطبقة المتوسطة فيظهر التحيز هنا إلى الشرائح العليا اقتصادياً وإغفال من هم دون ذلك وإشغالهم بسفاسف الأمور.
- ومن أبرز معالم الترويج للمجلات مايسمى بفتاة الغلاف وهي صورة كبيرة لفتاة بكامل زينتها من أجل التسويق وزيادة المبيعات فهي متاجرة واضحة بالمرأة.
- يقول الشيخ د.صالح بن حميد رئيس مجلس الشورى وإما وخطيب المسجد الحرام من غير المبالغ فية أن حال المرأة في هذا العصر ليس بأخف من عصر الجاهلية فالحرية مسلوبة ولكن بصورة أقوى ، لقد استعبدوها من أجل شهواتهم ومتعتهم فقد جعلوا جسدها مباحاً لكل ذي شهوة وجعلوا جسدها تجارة وأنوثتها متعة يكسبون المال بفتاة الغلاف ويروجون البضائع حتى المعدات الثقيلة بصورة النساء (1)
ثانياً : المسلسلات والإفلام والفيديو كليب :
أثرت القنوات الفضائية من خلال المسلسلات والفيديو كليب تأثيراً كبيراً على الأسرة خاصة والمجتمعات عامة و يؤكد ذلك الدراسات التي قام بها بعض الباحثين فقد أكدت الباحثة عزة كريم استاذ علم الإجتماع والمستشار بالمركز القومي للبحوث الإجتماعية والجنائية حول تأثير القنوات الفضائية على الحياة الزوجية بأن ظاهرة الطلاق ارتفعت في مصر وأن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء رصد أكثر من سبعين ألف حالة طلاق و بالمثل تزايدت نسبة الطلاق في البلاد العربية مثل السعودية والإمارات والأردن والكويت بشكل كبير ، ويكمن السبب هنا بهجوم المطربات وفتيات الفيديو كليب ونجمات الإغراء كما أن تلك الفضائيات أبرزت الرجل في كثير من الأحيان أنه متسلطاً عنيفاً سهل الخيانة يمارس أساليب الضغط على المرأة ، ومنها
ــــــــــ
(1) المستقبل الإسلامي ذو الحجة 1422هـ مارس 2002م
مايصورة على النقيض تماماً فهو مثالياً يفيض بالعواطف ويحقق جميع متطلبات الزوجة وكلتا الحالتين تدفع الزوجة للتمرد والإحساس بالظلم من الحياة الزوجية مقارنة بما تراة على الشاشة فتلجأ إلى طلب الطلاق بل إلى الخلع أحياناً فالطلاق يزداد طردياً مع إنتشار الأفلام والمسلسلات خصوصاً الرومانسية والدبلجة ومن خلال تحليل الدراما الفضائية نجدها تغرس الصراع السلطوي بين الزوجين وتنمي السلوك الفردي داخل الأسرة وتخلق الصراع بين الزوجين مما يزيد نسبة الطلاق [1].
كما أكّد مدير فرع وزارة الشئون الإسلامية والدعوة والإرشاد في المنطقة الشرقية الشيخ منصور الهديد أن كثيراً من حالات الطلاق تجري لأسباب تافهة لاتستدعي حدوث مشاحنات بين الزوجين بل أن أكثرها كان بسبب الفضائيات حيث يتسمَّر الرجل أمام الشاشة ويشاهد فيها أنواع النساء فيقارن بينهن وبين زوجتة وهنا تبدأ المشكلات [2] .
و من تأثير الإعلام على الأسرة إظهار أم الزوج وهي من تسمى (الحماة) بالعدوة اللدودة ومنذ زمن بعيد كانت تقوم بأداء الدور ممثلات قديمات أمثال (ماري منيب) الممثلة النصرانية فمنذ دلك الوقت وهذا الأمر يغرس في ذهن المرأة أن الحماة هي من يفرَّق في كثير من الأحيان بين المرء وزوجه ، وكما تولى الإعلام كثير التحريض على شرع الله فيما أقره من تعدد الزوجات من خلال أفلام ومسلسلات تسيئ إلى ماشرعه الله تعالى في كتابة وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .
كما ساهم الإعلام في تهميش دور المرأة والفتاة في المجتمع حينما صوّرها أنها تهتم بالقشور فأصبحت تخاطب وكأنها طبقة من الجلد تحتاج إلى تدليك ورموش وتغذية وشعر يحتاج إلى طلاء ، فتنشأ الفتاة على هذه الصورة يومياً تتغذى عليها صباح مساء فقد رضعن تلك المشاهد والأفكار مع حليب أمهاتن
ــــــــــ
(1)صحيفة دنيا عدد (128) 4 / ربيع الأول /1426هـ - 13/4/2005م
(2) صحيفة الرياض(14158) 11/ربيع الأول/1428هـ - 30مارس2007
وحتى أصبحن مربيات يحملن الأمانة فدخلت قيم على العالم العربي والإسلامي
لاعلاقة لها بواقع المرأة وما تواجه من مشاكل وهكذا رسّخت وسائل الإعلام أن دور المراة يتحدد في وجودها في المطبخ والتحميل والموضة والرشاقة إضافة إلى الاستعانة بالسحرة والمشعوذين عن طريق القنوات الفضائية المتخصصة في ذلك مما استحوذ على مساحة كبيرة من وقت فراغ المرأة فاستحل جزء من ثقافتها ليس بالقليل ، مع أن واقع المرأة في الوقت الحالي وهمومها أكبر بكثير من ذلك فهي الأم وهي المربية وهي تؤسس قاعدة المجتمع فتكوّن أركانه من القيم والمبادئ ويكون سداً منيعاً ضد مايخترق الأمة من غزو فكري ومسلح .
كما ساهم المد الإعلامي في توجيه المرأة للخروج إلى العمل حتى تواكب المتغيرات وتحقق ذاتها من وجهة نظرها فأصبح هناك تبعية للمرأة الغربية وتضييعاً للهوية شكلاً وربما مضموناً فهو غزو فكري بطيئ ولكنة أكيد المفعول كما أرادوه منذ زمن بعيد .
تأثير الإعلام على فتيات التعليم :
- انتشرت ظاهرة ( البوي ) بين فئة من الفتيات في الكليات والجامعات حيث تتجرد الفتاة من كل مايمت للأنوثة بصلة وتسترجل بمشيتها وتصرفاتها ونظراتها وملبسها وهذه ظاهرة نراها يومياً في صروحنا التعليمية ومن أبرز من ساعد على تفشي هذه الظاهرة هو الإعلام الذي بذر تلك الأفكار في قلوب الناشئات .
- وفي تحقيق أجرى مع معلمات المدارس نجد أنهن أصبحن يشتكين من الضعف الديني والتحصيل العلمي والفراغ الروحي للطالبات وذلك لأن تفكيرهن منصب على ماذا سيعرض في تلك القنوات فانعدم الحياء وتفشت العادات السيئة التي لاحصر لها فكثير من الفتيات مع إدمان تلك المشاهد يتشبعن بتلك الأفكار الدخيلة فتصبح جزء من منطومة أفكارهن (1)
- وفي الوقت الذي تراجعت فية كثير من الفنانات والمذيعات عن الظهور على الشاشة نجد برنامج أنت والحدث الذي يذاع على قناة ( Lbc) في أحد حلقاته أجج موضوعاً ساخناً في الوسط السعودي على وجه الخصوص وهو عودة المرأة للظهور على الشاشة وهل المجتمع مع ذلك الظهور أم ضدة ، فظهور المراة على الشاشة لازال يشكل نقطة استفهام لدى شريحة كبيرة من المجتمع فالجدل لازال قائماً خصوصا ً بعد إتاحة الفرصة للمرأة أن تظهر على الشاشة ولكن الواقع يقول إن البارزات من المذيعات يمكن عدهن على الأصابع وذلك لأن السعوديين يرفضون ظهور المرأة على الشاشة وذلك من خلال استفتاء في نفس البرنامج المباشر حيث صوّت الجمهور بمانسبته 99% ضد ظهور المرأة السعودية على الشاشة واعتيروا ظهورها متجاوزاً للخطوط الحمراء فالسعوديين يرفضون ظهور أخواتهم أو زوجاتهم على الشاشة بسبب الدين أو التقاليد مما حدا بمقدمة البرنامج أن تعتبر ذلك من القمع والظلم ولكن لو كان ماتقولة صحيحاً لما وجدنا الدكتورة والممرضة والمعلمة واستاذة الجامعة التي تعطي صورة صحيحة عن مجتمع مثقف واعي اهتم بالمرأة من غيرأن يتخلى عن مبادئه وتقاليده بل أن من تظهر على الشاشة من الممثلات والمذيعات هي أقل الناس تميزاً بل هي وجه إعلامي للإستهلاك ، يقول ابن الجوزي في الجواب الكافي (إن المعاصي تفسد العقل فإن للعقل نوراً والمعصية تطفئ نور العقل ولابد إذا طفئ نوره ضعف ونقص )
- وإن من العقل أن نستمع لمن أكتوى بنار الحرية المزعومة وتحقيق الذات تقول المذيعة المعتزلة كاميليا العربي : أن العمل الإعلامي لايليق بالمرأة المسلمة إلا إذا توافرت فيه شروط عمل المرأة المسلمة من احتشام وعدم ظهورها بالمساحيق والزينة(1) .
ــــــــــ
(1) مجلة الأسرة (12) محرم / 1415هـ - 1994م
وتقول الفنانة عبير الشرقاوي أن من تريد ديناً خالصاً فلتجلس في بيتها فقد أحسّت بشعورها بالاطمئنان بعد ارتداء الحجاب وبراحة لم تشعر بها مع النجومية(1)
وتقول الممثلة الشهيرة هند رستم بعد أن خرجت من عالم الفن في مقابلة أجريت معها : لقد تحررت من القيود ، وأصبحت أمارس حياتي بشكل طبيعي ، وأفضل أجمل أوقات حياتي مع حفيدي وتستطرد قائلة عن حياتها بعد الزواج : إن زوجي ملأ حياتي بعد أن كنت أشعر أني وحيدة ومسؤولة عن نفسي وهذه ضغوط نفسية فوق طاقة أي إمرأة فعندما تزوجت ألقيت بكل همومي ومتاعبي علية فأصبح الظهر الذي استند علية يشاركني أحزاني وأفراحي وهي متعة تفوق النجومية(2).
تلفاز الواقع :
ظهر في الأونة الأخيرة مايسمى بتليفزيون الواقع مثل برنامج ( بيج بوي ) الأخ الأكبر أو ( ستار أكاديمي ) أو
( على الهوا سوا ) وغيرها من البرامج التي لاتزال في ازدياد والتي تعتبر من أصول فرنسية أو هولندية أو أمريكية .
وهي عبارة عن فتيات وشبان يقيمون في فيلا واسعة في بيروت من جنسيات عربية متعددة لمدة أربعة أشهر يقومون باحتراف الرقص والغناء والتمثيل تحت الكاميرات على مدار لاساعة إن هذه البرامج لها أهداف مدروسة جيداً وأهمها الجانب المادي فقد جنت تلك الفضائيات أرباحاً طائلة بالفعل فعلى سبيل المثال حقق ستار أكاديمي 120 مليون يورو دفعت من جيوب المشاهدين وغالبهم من المملكة والخليج .
كما أنهم يرمون إلى تنمية روح الإختلاط بين الجنسين وتغريب الأمة الإسلامية وسلخها من مبادئها وقيمها والتسويق العلني للزذيلة وتهميش قضايا الأمة التي تدور في الشرق الأوسط .
ولكن في حقيقة الأمر أن هذة البرامج غير الواقع فما يبث فيها يخالف واقع الفتاة المسلمة من حيث التنشئة والتربية وبالتالي يوجد لدى الفتاة روح التمرد والسخط على المجتمعات المحافظة ، يقول الدكتور محمد الحضيففي كتابة كيف تؤثر وسائل الإعلام : ( حين نتعرض باستمرار منذ طفولتنا لرسائل إعلامية مسحونة بالقيم ومعروضة بقوالب جذابة ننشأ ونترعرع ونشب ونحن نتلقى قيماً وعادات وطريقة حياة تشعرنا وسائل الإعلام في مناسبات كثيرة أن مانحن عليه أدنى مما تقدمه لنا وتعدنا به ، وهذا مايجعلنا في حالة لهاث دائمة لنكون بمستوى مجتمع التليفزيون ) .
أما الدكتور عبد المقصود باشا استاذ التاريخ الإسلامي بجامعة الأزهر يقول : كم دهشت حين رأيت من خلال الفضائيات أن الغناء والرقص والخلاعة والإنحلال قد اصبحت من المؤهلات للدخول لعالم النجومية والثراء أيضاً ، والعجيب أن يصبح مايثبت تفوقنا وتميزنا بصفتنا مسلمين وعرباً هو المشاركة في تلك المسابقات التي تبثها الفضائيات (1) .
ويقول الرسول صلى الله علية وسلم ( تعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عوداً فأي قلب أشربها نكتت فية نكتة سوداء ، وأي قلب أنكرها نكتت فية نكتة بيضاء حتى نصيرعلى قلبين أبيض مثل الصفاه فلاتضرة فتنه مادامت السماوات والأرض والأخر سوداء مرباداً كالكوز مخبحبا لايعرف معروفا ولا ينكر منكراً إلا ماأشرب من هواه ) أخرجة مسلم
فقد حذرنا رسولنا محمد صلى الله علية وسلم في هذا الحديث من التعرض للفتن والشبهات من أي طريق كان ومن تهاون في ذلك يسلب إيمانة ومن أعظم من يعرض تلك الشهوات والفتن في القنوات الفضائية .
صورة المرأة في الإعلام الغربي :
إن صورة المرأة في الإعلام الغربي استخدمت لتشوية الإسلام والمسلمين وكأنما هو استعمار للفكر الإسلامي خصوصاً أن الأصل في الإعلام أنة يخدم أهداف صهيونية فيما يوجه للمرأة لأن ذلك يعتبر بند مهم في بروتوكولات حكماء صهيون فقد جاء فيها ( علينا أن نكسب المرأة ففي أي يوم مدت إلينا يدها ركنا القضية ) ، كما أن معظم مايطرح في الإعلام الغربي بشأن المرأة يستمد مرجعيتة من منهجية وفكر الحركة النسائية الغربية (Femm inizem) والتي لاتتوافق أفكارها مع الدين الإسلامي .
كما أن ذلك الإعلام الغربي يوظف أقلام مسلمين ومسلمات يؤمنون بما جاء به الغرب بإنه إنجاز حضاري ينادي بتحرير المرأة ويرفع وصاية الدين عنها بهدف تحريرها واعتباره حجر عثرة في تقدم المرأة ، وأن هناك أقلام غربية تخصصت في قضايا النساء في العالم الإسلامي ( كإيما كلارك وكارولين حوالي ) واللاتي يتهجمن على الفصل بين الجنسين في التعليم ويمجدن الناشطات العربيات في مجال تحرير المرأة العربية ، وقد ازدادت تلك الهجمات الإعلامية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر.
المحررة باريرا سلافن التي تكتب في صحيفة USA تودي تصف المملكة بالتخلف وأنهم الإن متخلفون بمقدار مائة سنة عن العالم علماً بأن هذه الكاتبة تكتب مقال كل شهر في الصفحة الأولى من هذه الصحيفة عن المرأة المسلمة وعلى وجه الخصوص المرأة السعودية . فهذة الصحيفة وغيرها أهملن نتائج التنمية التي تحققت على يد المرأة السعودية مع محافظتها على حجابها وعبائتها التي لم تمنعها من التدريس والتمريض والتطبيب وغير ذلك من المهن التي تتناسب وطبيعتها كأنني حتى أن الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون اعترف أن خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها قد كانت تعمل بالتجارة وذلك أثناء حضورة منتدى جدة الإقتصادي عام 2004م .
كما كتب كريستوف في صحيفة نيورك تايمز في أكتوبر 2002م حيث افتتح المقال بإطلاق لقب (بلاك قوستس) ويعني ذلك الأشباح السوداء للنساء في المملكة.
كما أشار أنه وجه سؤال لبعض الأكاديميات السعوديات كيف شعوركن وأنتن ممتهنات ، ولكن كان الرد عكس مايريد بأنهن يشعرن بالاعتزاز والكرامة وغير ممتهنات .
فيستطرد قائلاً : ماذا عسانا أن نفعل في هذا الشأن ، نحن في الغرب نريد تحرر هؤلاء النسوة وهن يصررن على أنهن سعيدات بوضعهن فإن كان معظمهن يرغبن في لبس الخيمة فلا يتفاجأن عندما يشير إليهن الناس ويتحدثون عنهن بصوت مرتفع ، وعلى تلك الشاكلة يتحدث بعض كتابنا في بلاد الحرمين نتعل للجحاب والمسلمين ، فيقول الكاتب عبد الله أبو السميح ( علينا إذاً تحرير المرأة من كثير من قيود العادات والتقاليد وكثير منا لاأصل شرعي لها ، بل جاءتنا من عهود السلاجقة والعثمانيين ، وعلى سبيل المثال فإن كشف الوجه مسألة خلافية ) (1)
ويقول توفيق السيف وهو رافضي من المنطقةالشرقية ( دائما يصعب علينا الإقرار بأن وضع النساء في مجتمعنا لايطابق المعايير التي يتفق عليها العقلاء ) ، ويقول ( وأظن أن كثيراً مما يكتب أويقال في عدد من المجتمعات الإسلامية حول حقوق المرأة في الإسلام ليس سوى تبرير لحرمانهن من هذه الحقوق )(2) .
ويقول عبد العزيز مؤمنة ( ليس هناك فرق بين حرية المرأة وحرية الرجل في الإسلام ) ، ( وهل يجوز أن تبقى المرأة تابعة للرجل بعد أن حررها الإسلام من عبودية الجاهلية وأعطاها من تطليق نفسها وبذلك تكون العصمة في يدها ثم يَسخَر بأمة الإسلام قائلاً " ولن تتقدم أمة نصفها مصاب بالشلل ")(3) .
ويقول حماد السالمي ( إن كثيراً من دول العالم الإسلامي قد سبقتنا في الوصول إلى حلول جذرية في مسألة الحجاب وكشف الوجه وميادين عمل المرأة وقيادتها للسيارة ولا أرى بأساً من الاستفادة من تجارب الأخرين والأخذ بما هو مقنع وفي حكم المنطق والعقل )(4) .
تأتي تلك المقالات بشكل متواصل ومساند للكتاب الغربيين يقول الشيخ نيقل للحجاب في الوقت الذي يوجد فية كتاب منصفين من الغرب ولعل من أبرزهم الباحثة الغربية ميرالي رئيسة التدقيق لحقوق المرأة المسلمة في صحيفة الجارديان يونيو 2002م حيث تقول : ( أصبحت المرأة المسلمة بالنسبة للكاتبات الغربيات نموذج التخلف والاضطهاد ، كما أنها بينت أن هذه الهجمة تتسم بالمبالغة والتجني وأن هذا الطرح متشدد يفتقد إلى الموضوعية بتصوير المرأة المسلمة ضحية للإرهاب الإسلامي ، كما بينت أن المرأة بنظر هؤلاء الصحفيين يجب أن تخلص من هذا الدين لأنها عندما تتخلص منة فسوف تتخلص من الحجاب الذي يغطيها من رأسها إلى قدميها ، ومن ثم أشارت الباحثة ميرالي أن هذا الهجوم من قبل الإعلام الغربي على المرأة المسلمة غير مبرر وذلك لأن الغربية نفسها تعاني من كثير من المشكلات فلماذا لاتوجه الأقلام الغربية لحل مشكلات المرأة الغربية بدلاً من توجيه النقد والهجوم إلى المرأة المسلمة ).
ومن الملاحظ أن الهجوم على المرأة المسلمة مقنن ومباشر وكمثال على ذلك أن المرأة الغربية عندما تجلس في بيتها للعناية بأطفالها فإنخا تكون في نظرهم مثالاً للأم المثالية ولكن المرأة المسلمةتكون في تلك الحالة مثالاً للتخلف وهي بحاجة إلى التحرر ، وأن الراهبة التي تغطي رأسها إلى قدميها وتعيش حياتها بدون زواج فهي في نظرهم متعبدة إلى ربها ولكن المرأة المسلمة تعتبر شبحاً أسوداً ليس له كرامة يعيقها حجابها عن التقدم والرقي .
إن الإعلام الغربي لم ينصف المرأة حتى في حقوقها كإنسانة فهو يرفع شعارات تحريرها ويكابد من أجل ذلك ولكن لم يظهر ماتعانية المرأة في الشعوب المضطهدة كالفلسطينية والأفغانية والعراقية تحت معاول الإحتلال من إهانات نفسية واغتصاب وظلم وقهر ، فسجون الإحتلال تغص بمئات النساء المسلمات اللأئي لايعلم عددهن الحقيقي حتى المنظمات الدولية التي لازالت مغيّبة عن الوضع الحقيقي لتلك السجون وما يدور بداخلها .
إن المرأة في العراق والتي تعتبرأحدث عقدة في سلسلة الإحتلال تتعرض للتعذيب والضرب والشتم والإغتصاب بل إنهن يحرمن من أبسط حقوقهن وهو الذهاب للمرافق العارية من أدنى الشروط الصحية ، ولم يصل صوت هؤلاء النسوة إلى المجتمعات إلا بقدر يسير فأين وسائل الإعلام التي تنادي بتحرير المرأة من ايصال صوت المرأة العراقية إلى حقوق الإنسان وإنصافها مما تعانية وهل من الواجب تحريرها من وطأة الاحتلال أم من حجابها وعفافها الذي كرمها الإسلام به .
وأخيراً فإننا نواجة حرباً إعلامية ضروساً ضد المرأة في عقيدتها ودينها وعفتها بأشكال متعددة
قال تعالى : ( ولن ترضى عنك اليهود والنصارى حتى تتبع ملتهم ) البقرة آية (120)
ولكن من بشائر الخير أن ظهرت في السنوات الأخيرة قنوات إسلامية متخصصة في بث الوعي الديني والأخلاقي مثل المجد بقنواتها المتعددة والتي تبُث للكبار والأطفال ولطلبة العلم والفجر والهدى التي تنقل الإسلام باللغة الإنكليزية ، فهذة القنوات تمثل الإعلام الإسلامى الصحيح ولكنها لاتزال لاتفي بإحتياجات الأسرة المسلمة وخصوصاً المرأة .
إذاعة القرآن الكريم والتي تصل إلى أسماع الملايين في أنحاء العالم وما تحوية من فائدة عظيمة . هناك مجلات تخصصت بالأسرة والمرأة والفتاة والطفل لعل من أبرزها مجلة : عفاف وهي مجلة نسائية اجتماعية تهتم بقضايا المرأة والأسرة المسلمة .
مجلة الأسرة : وهي مجلة اجتماعية تهتم بقضايا الأسرة
الشقائق : اجتماعية وتهتم بالمرأة خاصة
مجلة حياة للفتيات وشهد الفتيات ويهتمان بالفتاة الناشئة من سن الرابعة عشرة إلى الثامنة والعشرين .
مجلة تحت العشرين للفتيات أيضاً
المتميزة والتي تهتم بشئون المرأة
ولاتزال تلك المجلات بازدياد ولكنها لم تفي في هذا الزمان بإحتياجات المرأة المسلمة مع ثورة الإعلام الفاسد .
خلود بنت راشد الفقيه